تحميل كتاب العرب والغصن الذهبي: إعادة بناء الأسطورة العربية لــ ياروسلاف ستيتكيفيتش

تحميل كتاب العرب والغصن الذهبي: إعادة بناء الأسطورة العربية لــ ياروسلاف ستيتكيفيتش






Fahima Jaffar

في ترجمةٍ أنيقةٍ، يقدّمُ لنا سعيد الغانمي بحثاً قيّماً للمستشرقِ الأمريكي "ياروسلاف ستيتكيفتش". يقرُّ البحثُ منذ بدايته وجودَ نصوصٍ أسطوريةٍ عربيّةٍ جديرةٍ بالدراسةِ الميثولوجية. وَيطرحُ لذلك مثالاً – يشكّلُ محورَ بحثه هذا – هو قصّة ثمود كما وردتْ بإجمالٍ في الآيات القرآنية وَكما دوّنتها كتب التفاسير وَقصص الأنبياء في عصورِ الإسلام الأولى كرواياتِ الطبري وَابن كثير والنويري والثعلبي. 



يتوقّفُ ستيتكيفتش عندَ حادثةٍ معيّنةٍ جاعلاً منها منطلقَ بحثه. فكما ينقل الطبري وابن كثير والنويري أنَّ الرسولَ (ص) عندَ توجهه لغزوِ تبوكٍ وَخلال عبوره بمدائنِ صالح "مرَّ بقبرِ أبي رِغال فقال: "أتدرونَ ما هذا؟" قالوا: "الله ورسوله أعلم." قال: "هذا قبرُ أبي رغال". قالوا: "فمن أبو رغال؟" قال: "رجلٌ من ثمود كان في حرمِ الله فمنعهُ حرمُ الله عذابَ الله، فلما خرجَ أصابه ما أصاب قومه، فدفن ههنا ودُفنَ معه غصنٌ من ذهب". فنزلَ القومُ فابتدروه بأسيافهم فجثوا عليه فاستخرجوا الغصن."



هنا تنتهي الرواية وَيبدأ سعي ستيتكيفتش لـ"نزعِ التاريخِ عن الأسطورةِ ونزعِ الأسطورةِ عن التاريخ". فمن خلالِ دراسةٍ سيميائيةٍ وَمورفولوجية ودينيةٍ مقارِنةٍ يتقصّى دلالات "أبي رغال" وَ"قدار" وَ"ثمود" وَيسبرها لاستخلاص النَفَس الأسطوري الذي نُفِخ في هذه الشخوص والأقوام. وَمن جهةٍ أخرى يعيدُ بناء تاريخ ثمود وَسقوط مدينتها "الحجر" معتمداً على الأحفورات الأثرية وَالروايات العبرية وَمعيداً موضعةَ شخوص الرواية من النبي صالح إلى قدار مروراً بصدوف وعُنيزة وَفصيل الناقة. 



ثمَّ يفردُ فصلاً أخيراً لدلالاتِ "الغصن الذهبي" الذي تسكتُ عنه الرواية المنقولة، وَيضيئه بأساطيرِ "أشقائه من الغصون" كنبتةِ الخلودِ التي سعى خلفها چلچامش أو رحلات إنياس وَأوديسيس في "الإنياذة" و"الأوديسة" إلى العالم السفلي. أمّا المترجم الغانميّ فيلحقُ بالكتابِ ضميمةً يزوّدها برؤاه حولَ الغصن الذهبي وَيستدلُّ بما وقعَ عليه من لُقيا أثرية. وَرغم أنَّ ترجمةَ الغانميِّ مقتدرةٌ إلى حدٍ تنسى معه أنك تقرأ نصاً في غير لغته – ولعلَّ موضوع البحث ساهم بدرجةٍ ما في ذلك – إلا أني أخذتُ عليه إفراطه في إضافةِ هوامشَ عجّت بملاحظاته الشخصية. 


إرسال تعليق

0 تعليقات